الأربعاء، 9 نوفمبر 2011

علم النسب

هو علم يتعرف منه أنساب الناس وقواعده الكلية والجزئية والغرض منه : الاحتراز عن الخطأ في نسب شخص وهو علم عظيم النفع جليل القدر أشار الكتاب العظيم في : ((وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)) إلى تفهمه وحث الرسول الكريم في : ((تعلموا أنساب كم تصلوا أرحامكم)) على تعلمه والعرب قد اعتنى في ضبط نسبه إلى أن أكثر أهل الإسلام واختلط أنسابهم بالأعاجم فتعذر ضبطه بالآباء فانتسب كل مجهول النسب إلى بلده أو حرفته أو نحو ذلك حتى غلب هذا النوع قال صاحب : ((كشف الظنون)) : وهذا العلم من زياداتي على : ((مفتاح السعادة)) والعجب من ذلك الفاضل كيف غفل عنه مع أنه علم مشهور طويل الذيل وقد صنفوا فيه كتبا كثيرة. والذي فتح هذا الباب وضبط علم الأنساب هو : الإمام النسابة هشام بن محمد بن السائب الكلبي المتوفى سنة أربع ومائتين فإنه صنف فيه خمسة كتب : ((المنزلة)) و: ((الجمهرة)) و: ((الوجيز)) و: ((الفريد)) و: ((الملوك)) ثم اقتفى أثره جماعة أوردنا آثارهم هنا منها : ((أنساب الأشراف)) لأبي الحسن أحمد بن يحيى البلاذري وهو كتاب كبير كثير الفائدة كتب منه عشرين مجلدا ولم يتم و : ((أنساب حمير وملوكها)) لعبد الملك بن هشام صاحب : ((السيرة)) و : ((أنساب الرشاطي)) و : ((أنساب الشعراء)) لأبي جعفر محمد بن حبيب البغدادي النحوي. (2 / 115) و : ((أنساب السمعاني التميمي)). و : ((أنساب قريش)) لزبير بن بكار القرشي. و : ((أنساب المحدثين)) للحافظ محب الدين محمد بن محمود بن النجار البغدادي. و ((أنساب القاضي المهذب)). انتهى ملخصا. ولعلنا تكلمنا عن النسب في رسالتنا : ((لقطة العجلان فيما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان)) فليراجعها المحقق فإنه مفيد جدا. المرجع: كتاب أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم للقنوجي. ولعلم النسب طرائق عدة سلكها علماء النسب في التصنيف فيه، وهذه الطرق : سرد أنساب القبائل العربية في مصنف.كما فعل ابن الكلبي، وابن حزم وغيرهما. سرد أنساب قبيلة معينة في مؤلف مستقل. الاهتمام بنسب الأمهات. كما فعل ابن حبيب في كتابه ((أمهات النبي))، وصاحب ((جمهرة أنساب أمهات النبي))، العلامة مرتضى الزبيدي في رسالته عن العواتك أمهات النبي صلى الله عليه وسلم، ويذكر أن الإمام الشافعي كان مبرزاً في هذا الجانب. تبيين المؤتلف والمختلف في النسبة، والمتفق والمفترق، وهذه طريقة علماء الحديث، الذين كان لهم منهجهم في التصنيف في الأنساب وضبطها. اهتمام العرب بأنسابه كان للعرب اهتمام بالغ في حفظ الأنساب وتعليمها، وكانوا يقسمون النسب على درجات عرفت بطبقات النسب، إن من يطلع على تاريخ العرب قبل الإسلام يدرك مدى اهتمامهم بحفظ أنسابهم واعراقهم، وانهم تميزوا بذلك عن غيرهم من الأمم الأخرى، ولا يعزى ذلك كله إلى جاهليتهم، كما لا يعزى عدم اهتمام غيرهم كالفرس والروم إلى تحضرهم، وسيتضح لنا ذلك من خلال ما سنعرض له من جوانب في هذا البحث، وإن كان الجهل قد أفرز عصبية بغيضة اساءت إلى علم النسب سواء في ذلك العصر أو حتى في عصور الإسلام المتأخرة. وقد عزى ابن عبد ربه سبب اهتمام العرب بأنسابهم لكونه سبب التعارف، وسلم التواصل، به تتعاطف الأرحام الواشجة.وإذا كانت جاهلية العرب قد أساءت إلى علم النسب أحياناً بسوء استخدامه، فإنها قد اساءت اليه أيضاً من ناحية عدم التدوين الذي تميز به العصر الجاهلي، ولذلك فقد تأخر تدوين الأنساب، ولم يبدأ الا مع بداية العصر الإسلامي. وبسبب غياب التدوين اضطر العرب إلى حفظ انسابهم والعناية بها عن طريق الحفظ والمشافهة، فاشتهر بذلك عدد من أبناء العرب، ينقلون هذا العلم، وينقل عنهم إلى أن جاء عصر التدوين فأخذ عنهم علماء النسب الأوائل. ومع هذا فينبغي ان لا نغفل بعض الانتقادات الموجهة لقدامى النسابين كابن الكلبي وابن هشام والهمداني وغيرهم، غير أنه يجب التمييز بين جهودهم في حفظ الأنساب وبين بعض الهنات والروايات الضعيفة في مروياتهم. موقف الإسلام من علم النسب وقف الإسلام من علم النسب موقفاً إيجابياً فاكتسب هذا العلم فضلاً وشرفاً تمثل بعناية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم وحث صحابته على تعلمه، وشهادته لابي بكر بالتمكن من هذا العلم. لكن الإسلام نهى عن سوء استخدام الأنساب، والمفاخرة بها لعصبية جاهلية.وكان علم النسب في البداية واحداً من فروع علم التاريخ ثم ما لبث ان صار علماً مستقلاً له أصوله وفنونه وأربابه. وانبرى للاشتغال به كثير من علماء الامة امتداداً لاشتغالهم بعلم التاريخ الذي لا يستغني عن علم الأنساب والإحاطة به لمن أراد ان يعرف أمته وأعلامها من الصحابة والتابعين والقواد الفاتحين والعلماء والمحدثين وغيرهم. وقد تواتر عن علماء الأمة التأكيد على اهمية هذا العلم، وبسطوا القول في فضله والترغيب به في مقدمات مؤلفاتهم في الأنساب. وامتد هذا الاهتمام إلى عصرنا الحاضر فألف فيه علماء كبار، أو قدموا لمؤلفات في الأنساب لغيرهم. أسباب الاهتمام به في هذا العصر الأسباب الغريزية ويكتسب علم الأنساب اهميته لدى الفرد بوصفه سنة كونية وغريزة إنسانية.هذه الغريزة التي تدفع الإنسان إلى معرفة اصوله وجذوره، وهي التي تجعل كتب الأنساب تحظى بهذا الإقبال وهذا الرواج، ليس عند العرب فقط بل عند كثير من الأمم، مهما بلغوا من العلم والتقدم كما سنرى. أسباب حضارية يقصد بالأسباب الحضارية انه كلما زاد تحضر المجتمعات وازدهرت العلوم فيها فإن الاهتمام بعلم الأنساب يزداد، والبحث في هذا الموضوع يزدهر نتيجة للازدهار العلمي الذي تزداد معه الدراسات والابحاث لكل مجالات الحياة بما فيها دراسة احوال السكان وتاريخهم، والتعمق في معرفة جذورهم وسلالاتهم وعلاقة الجماعات بما فيها الافراد والاسر والقبائل والطوائف ببعضها.. وهذا بخلاف ما يعتقد البعض من أن الحضارة تقضي على موضوع الاهتمام بالانساب. والدليل على ذلك أن العرب في جاهليتهم مع ما هم عليه من شدة التعصب ومعرفتهم بأنسابهم ومحافظتهم عليها وتفاخرهم بها لم يؤلفوا الكتب في انسابهم ولم يتفننوا في رسم مشجرات العائلة والقبيلة ويضعونها على مداخل بيوتهم، كما هو الحال في عصرنا الحاضر، ومن أدلة ذلك أيضاً ان ازدهار التأليف في علم الانساب انما ظهر في عصور ازدهار الامة الإسلامية، فكثرت المؤلفات والمصنفات في العهد العباسي، ثم تراجع هذا الاهتمام في عصور الانحطاط، ثم عاد الاهتمام مرة ثانية في عصرنا الحاضر. ونتيجة لانحطاط الامة الإسلامية وضعفها في القرن التاسع عشر في حين كانت أوروبا في اوج نهضتها العلمية فقد تخاذل المسلمون عن تحقيق ما خلفه اوائلهم من امهات كتب الانساب ليقوم الأوروبيون بتلك المهمة. والدليل أن معظم كتب الانساب المعروفة اليوم التي أصبحت مصادر لهذا العلم إنما ألفت في عصور تفوق الامة وقوتها، ومن ذلك على سبيل المثال: جماهير القبائل، وحِذف من نسب قريش، لمؤرج السدوسي «ت 195هـ». نسب معد الكبير، لابن السائب الكلبي، ت «204هـ»، وابنه هشام «ت 213هـ». صاحب كتاب أنساب حمير وملوكها. الطبقات الكبرى، لابن سعد «231هـ». جمهرة أنساب العرب، لابن حزم «ت 456هـ». والإكليل لأبي محمد الهمداني، وغيرهم. ولو استعرضنا كتاب طبقات النسابين للدكتور بكر أبو زيد لوجدنا أن اعداد النسابين كانت تأخذ شكل العلاقة الطردية مع وضع الأمة الإسلامية، ومن ذلك مثلاً: إن عدد النسابين المترجم لهم بلغ 47 نسابة في القرن الأول، و 58 في القرن الثاني، و 82 في القرن الثالث، و 88 في الرابع، و 101 في الخامس، و 48 في السادس، و 46 في السابع، و 35 في الثامن، و 31 في التاسع، و 17 في العاشر. وهكذا يبدأ التنازل إلى حد الانقطاع لمدة ثلاثة قرون تقريباً، ثم ينبعث مرة أخرى في العصر الحديث. لكن عصر انحطاط المسلمين وتراجع الحركة العلمية في القرون الإسلامية المتأخرة لم يقف اثره على التراجع الواضح في الكتابة بهذا العلم بل تعدى ذلك إلى إهمال المؤلفات التي كتبت عبر القرون السابقة وكان من نتيجة هذا الإهمال أن قام عدد من علماء الغرب في عصر نهضتهم الحديثة بدراسة ونشر أمهات كتب التراث الإسلامي، ومنها كتب أنساب القبائل العربية. نهضة علم الانساب في العصر الحديث أما في البلاد العربية فلم تبدأ العناية بهذا الجانب إلا في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي و بدايةالقرن الرابع عشر الهجري «العشرين الميلادي» حيث ظهرت ادبيات كبرى في الانساب في اغلب البلاد العربية: ففي مصر طبعت المطبعة الاميرية ببولاق العديد من كتب التراث و منها كتب الانساب و التراجم التي يعدها العلماء اصولا رئيسة لعلم الانساب و اغلبها لنسابين مصريين في العصر الوسيط مثل : صبح الاعشى و نهاية الارب لابي العباس القلقشندي , و الخطط المقريزية و قلائد الجمان في التعريف بعرب الزمان للعلامة المقريزي و تاريخ الفيوم و قبائله للصفدي و مسالك الابصار لابن فضل الله العمري , و لب اللباب في تحرير الانساب للسيوطي و اعلام القرن العاشر للسخاوي و عشرات غيرها, ثم العالم الاستاذ محمد شاكر الذي حقق كتاب:« جمهرة نسب قريش» للزبير بن بكار، وصدر سنة 1381هـ.... اما على صعيد التأليف فقد طبع كتاب "الخطط التوفيقية " لعلي باشا مبارك 1905 م من سبعة عشر جزءا امتلأت بالانساب النادرة المصادر للاسر النبيلة المصرية في هذا الوقت , كما قام عدد من رواد الباحثين باعادة طباعة امهات كتب الانساب ونشرها امثال: احمد لطفي باشا السيد في بداية القرن العشرين حيث الف كتاب "القبائل العربية في مصر " و قام نعوم شقير بتأليف كتابي تاريخ سيناء و تاريخ السودان حيث امتلأ بانساب قبائل هذين الاقليمين ثم توالت الكتب و الاسفار في هذا الفن مثل عروبة مصر لشملول و قبائل العرب في مصر في القرون الثلاثة الاولى لخورشد البري و القبائل المصرية للحبوني و طبعت اجزاء تتناول انساب اهل مصر لجنود و ضباط الحملة الفرنسية فيما يسمى ب "وصف مصر" لجوبير و غيره, ثم " موسوعة القبائل العربية " لمحمد سليمان الطيب و "معجم قبائل مصر" لايمن زغروت و الكثير من كتب الانساب اليوم, وظهرت اعداد كبيرة من مواقع الانساب على الانترنت. و على صعيد اخر في الشام و العراق , فقد قام سليمان الدخيل «ت سنة 1364هـ »، الذي قام سنة 1332هـ بطبع كتاب:« نهاية الارب في معرفة انساب العرب» للقلقشندي. وطبع كتاب:« سبائك الذهب» للبغدادي. والاستاذ أحمد وصفي زكريا «ت1384هـ» الذي الف كتاب: «عشائر الشام»، وطبع سنة 1363هـ، كما قام الاستاذ عمر رضا كحالة بتأليف كتابه الموسوعي العظيم:« معجم قبائل العرب »، وطبع بالشام سنة 1368هـ. ثم توالت بعد ذلك جهود نشر كتب الأنساب وتحقيقها في البلاد العربية، حيث ظهر اهتمام بعض الكتاب العرب بالتأليف في أنساب القبائل العربية، كما قام كل من الاستاذ محب الدين الخطيب سنة 1368هـ بطبع الجزء العاشر من كتاب «الإكليل». وفي العراق الف الاستاذ عباس العزاوي كتاب «عشائر العراق»، وطبع سنة 1365هـ. وفي اليمن عُني العلامة محمد بن علي الأكوع بتحقيق كتاب «الإكليل» وطبع الجزء الأول سنة 1383هـ. اما في البلاد السعودية فقد كان الشيخ حمد الجاسر هو الرائد في إحياء هذا العلم واستنهاض الهمم في التأليف والتحقيق فيه من خلال ما نشره في تحقيقات ومراجعات علمية لمخطوطات كتب الأنساب، وكذلك من خلال مؤلفاته مثل:« معجم قبائل المملكة» و« جمهرة انساب الاسر المتحضرة» وغيرهما, و كذلك الشيخ حمد الحقيل في كتابه :كنز الانساب و مجمع الاداب و كذلك مهجم قبائل الحجاز لعاتق غيث البلادي الحربي و غيرها. و في ليبيا قام التليسي بترجمة كتاب" معجم سكان ليبيا " و في عمان قام السيابي بتأليف سفره الفريد "اسعاف الاعيان بانساب اهل عمان " و اخذت مواقع الانترنت التي تهتم بعلم الانساب في الانتشار و اسهمت بنصيب وافر في الحوار و التواصل بين ابناء القبائل و بين النسابين و الباحثين و هذه هي قائمة اكبر خمسة مواقع منها: موقع " النسابون العرب " موقع ملتقى القبائل العربية منتدى السادة الاشراف انسابكم دوت كم موقع العمرو تدوين الأنساب لعلماء الأنساب طريقتان في تدوين الأنساب : المبسوط. وهو تدوين الأنساب ببسطها على الصفحة مسطوراً كما يدون أي علم آخر. وهو الذي عليه العمل لدى أكثر أهل النسب. التشجير. بمعنى رسم سلسة النسب المبسوطة على شكل مشجر، وقد عني كثير من الناس بشجرة العائلة، وظهرت برامج إلكترونية تساعد على التشجير. وهذه الطريقة ما كان يتقنها أي أحد من علماء النسب، ولذا تجنبها الكثيرون منهم لئلا تختلط الخطوط ببعضها وينتج اللبس على القاريء. والفرق بين الطريقتين، أن قي المشجر يبدأ النسّاب بتدوين الشجرة بدأً بالابن ثم الأب ثم الجد حتي يبلغ الجد الأعلي. وأما قي المبسوط فيبدأ من الجد الأعلي ثم الأبناء ثم أبناء الأبناء وهكذا إلي منتهي السلسلة مع بيان ما توفر من ترجمة للأعيان المعروفين من السلسلة وما يتعلق بهم من أخبار.

حوار مع ضرير

إخوتي الأحبّة أسعد الله أوقاتكم جميعاً ,, أحببت أن نقف للحظات مع أنفسنا ونتعرّف عليها ففي زحمة أحداث هذه الدنيا قد نكون نسينا أنفسنا ,, دعنا نعيد قراءة أنفسنا من خلال نظرتنا لهذه الحياة,, كيف نرى هذه الدنيا ؟؟ لا أقصد أن نبحث عن إجابات فلسفيّة أو خياليّة أو افتراضيّة بل أريد أن نعرفّها تعريف حقيقي وفق رؤيتنا,, وحتى أزيد الأمر وضوحاً سأختصر هذا الموضوع بسؤال واحد فقط وأطلب من كل واحد أن يجيب عليه بمنتهى الصراحة والوضوح السؤال هو: لو صادفك إنسان أعمى ابتلاه الله سبحانه وتعالى بفقدان نعمة البصر وأراد منك أن تكون أنت عيونه التي يرى فيها هذه الحياة كيف ستصفها له وصفاً تجعله يعيشها كما تراها؟؟ هيّا إخوتي ننتظر كل واحد منكم أن يصف له هذه الدنيا فماذا ستقولون له؟؟؟

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

نظرية الفوضى

ما تقوله حقاً نظرية الفوضى، هو أن ما يبدو فوضوياً ولا يضبطه شيئ في الظاهر ، هو في الحقيقة امر منظم و منضبط تماماً و تتحكم به قوانين طبيعية في غاية الصرامة والدقّة . وان لا وجود لأحداث أو أشياء عشوائية خبط عمياء ، من وجهة نظر القوانين الطبيعيةهذا يعني أن الفيزياء مثلاً تحكم بقوانينها الدقيقة الصارمة المحكمة اموراً مثل كيفية سقوط حجر النرد على رقعة لعب طاولة زهرة، أي أن ليس هناك في العلم شيئ اسمه صدفة بحته
سوف اكتب المزيد فيما بعد عن نظرية الفوضى غير أن ما دفعني الآن للكتابة في هذا الموضوع هو هذا الشرح البسيط الرائع للنظرية.
تأسس نظرية الفوضى في اللحظة التي يتوقف فيها التحليل الكلاسيكي عن استشفاف وسبر أغوار الأمور العلمية و غير العلمية ، فعندما يعجز العلم التقليدي عن تفسير بعض الظواهر ذات الطبيعة الإظطرابية إذن تنطلق نظرية الفوضى لتؤكد لنا أن العبث غير موجود وأن الأشياء التي تبدو لنا في غاية الغرابة والتذبذب والعجاب… هي في الواقع محكومة بمنطقها الداخلي الرصين و المبنين
وفي سبيل ذلك تنتصب المقولة الشهيرة “إن حركة جناح فراشة في الشرق الأقصى قد يكون له تأثير بليغ على نهر الأمازون أي قد يحدث هناك فيضانا مهولا.”
إن لغز الخريطة الدماغية واليات الإدراك و ميكانيزمات التفكير وتقلبات المناخ وحركات أمواج البحار ..وكل تلك الأمور التي أرقت التحليل العلمي بطبيعتها غير المنظبطة و التقلبية جعلت نظرية الكاوس
la theorie du chaos
تنبري لمعالجة هذه الأمور بمؤازرة علماء من البيولوجيا والكيمياء و الرياضيات بغية الإمساك بخيوط هاته الفوضى كلها.بغية صياغة قوانين مشتركة تربط أنواع الظاهرة المظطربة….. ولكن أليس هناك نوعا من الإرتباط الضمني بين نضرية الفوضى و نظرية الكوارث التي تبحث في اليات الإتصال والإنفصال وكيفية حدوث القطائع الإبستيمية بناء على تصور المفكر الرياضي
RENE TOM
إن جنينية هاته النظرية داخل الوطن العربي تجعل منها مجالا بكرا يغري بالمناقشة والإهتمام
تحياتي الصادقة.
ظرية الشواش (Chaos Theory) من أحدث النظريات الرياضية الفيزيائية -وتترجم أحيانا بنظرية الفوضى أو العماء- التي تتعامل مع موضوع الجمل المتحركة (الديناميكية) اللاخطية التي تبدي نوعا من السلوك العشوائي يعرف بالشواش, وينتج هذا السلوك العشوائي إما عن طريق عدم القدرة على تحديد الشروط البدئية (تأثير الفراشة Butterfly Effect) أو عن طريق الطبيعة الفيزيائية الاحتمالية لميكانيك الكم.

تحاول نظرية الشواش أن تستشف النظام الخفي المضمر في هذه العشوائية الظاهرة محاولة وضع قواعد لدراسة مثل هذه النظم مثل الموائع والتنبؤات الجوية والنظام الشمسي واقتصاد السوق وحركة اللأسهم المالية والتزايد السكاني.
مقدمة عامة
أول من بحث في الشواش كان عالم الأرصاد، المدعو إدوارد لورينتز. ففي عام 1960 م، كان يعمل على مشكلة التنبؤِ بالطقس. على حاسوب مزود بنموذج لمحاكاة تحولات الطقس مؤلف من مجموعة مِنْ اثنتا عشرة معادلة لتشكيل الطقس. يقوم برنامجِ الحاسوبِ هذا بتوقع نظري للطقس.

في أحد أيام 1961 م، أراد رؤية سلسلة معينة من الحسابات مرة ثانية. ولتَوفير الوقتِ، بدأَ من منتصف السلسلة، بدلاً من بدايتها.

لاحظ لورينتز عند عودته، أن السلسلة قد تطورتَ بشكل مختلف. بدل من تكرار نفس النمط السابق, فقد حدث تباعد في النمطِ، يَنتهي بانحراف كبير عن المخطط الأصلي للسلسلة الأصلية.

وفي النهاية استطاع لورينتز تفسير الأمور, فقد قام الحاسوب بتخزين الأعداد بستة منازل عشرية في الذاكرة. لكنه كان يظهر ثلاثة أرقام عشرية فقط. عندما قام لورينتز بإدخال عدد من منتصف السلسلة أعطاه الرقم الظاهر ذو المنازل العشرية الثلاث وهذا أدى لاختلاف بسيط جدا عن الرقم الأصلي الموجود في الحسابات. ورغم أن هذا الخلاف بسيط جدا وضئيل فقد تطور مع تسلسل الحسابات إلى فروق ضخمة تجلت بانحرافات المخططات الواضحة.

كانت الأفكار التقليدية وقتها تعتبر مثل هذا التقريب إلى ثلاثة مراتب عشرية دقيقا جدا ولم يكن الفيزيائيون يلقون بالا إلى الفروقات التي يمكن أن تنتج بعد مدة من هذه الفروقات الضئيلة في الشروط البدئية للتجربة, لكن لورينتز غير هذه الفكرة.

جاءَ هذا التأثيرِ لكي يعرف بتأثيرِ الفراشة. فكمية الاختلاف الضئيلة في نقاط بداية المنحنيين كانت صغيرة جدا لدرجة تشبيهها بخفقان جناح فراشة في الهواء لكن آثارها كانت عظيمة لدرجة التنبؤ بإعصار يضرب منطقة من العالم.

من هذه الفكرة، صرّح لورينتز بأنّه من المستحيل توقع الطقس بدقّة. على أية حال، قادَ هذا الاكتشاف لورينتز إلى تشكيل النظرية التي عرفت لاحقا بنظرية الشواش.

بدأ لورينتز البحث عن نظام (مجموعة معادلات) أسهل من نظامه ذو الاثني عشر معادلة ليدرس حساسيته للشروط البدئية. اعتمد لورينتز نموذجا يصف جملة دولاب مائي مؤلفة من ثلاث معادلات.

حصل لورينتز من جديد على حساسية عالية للشروط البدئية في هذا النموذج, فالنموذج كان يقدم نموذجا شواشيا يتغير مخططه بتغير الشروط البدئية لكن المدهش في الموضوع أن شكل المخططات كان دائما متشابها بشكل لولب مزدوج. تقليديا، كانت توصف الحركات بأنها إما أن تؤدي إلى حالة مستقرة حيث تصل المتغيرات إلى قيم ثابتة لا تتغير أو حركات دورية تقوم بنفس الحركات على نفس المسارات بشكل مستمر, لكن في هذه الحالة حصل لورينتز على حركات ذات شكل متشابه لكنها غير متطابقة وبالتالي غير دورية, وهذا النمط من الحركة هو ما أسماه لورينتز فيما بعد بجاذب لورينتز.